Thursday, December 18, 2008

سامي نادر: المطلوب استراتيجية لبنانية في حجم التحدي


بعد الهزة هزات ارتدادية تتوالى من اميركا واوروبا وآسيا القريبة والبعيدة, ونحن منها. والشظايا ليست صغيرة ولبنان ليس في منأى عنها, ولو انها بالمقاييس النسبية الأقل ضرراً.«الكفاح العربي» التقت الخبير المالي والاقتصادي الدكتور سامي نادر, الذي يعتقد ان امام لبنان فرصة لاجتذاب الاستثمارات الهاربة, اذا هو وضع استراتيجية ملائمة في حجم التحدي.€ الحديث يتردد عن إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم السوق المالي, ما رأيك بهكذا هيئة وهل ستكون تحت مظلة المصرف المركزي وتنسق بالتالي مع الهيئات الرقابية الأخرى؟يجب ألا تكون هذه الهيئة تحت مظلة أي كان, عليها أن تكون مستقلة, والتوازن بين السلطات يؤمن استقلالية كل هيئة بمفردها وهي ضرورة لأن هناك اصلاحاتٍ مهمة يفترض ان تحصل. الأزمة المالية تطورت بشكلٍ سريع وكبيرٍ سبق القوانين والتشريعات بدفعٍ تكنولوجي تملص من أي مراقبة. والتحدي الأول أمام الحكومات هو الاصلاحات المالية, بعد أن كانت الدول تحاول أن تكون سيدة قرارها الاقتصادي أصبحت الشركات المالية والمصارف بعيدة عن سيادة الدولة الاقتصادية وأصبحت تتعامل على المستوى العالمي مما وضع قمة العشرين الأخيرة أمام هذا التحدي. الجميع متفقون على ضرورة الاصلاحات, لكن المعضلة كانت في عدم وجود الرؤية الواحدة. فمع «بازل1» و«بازل 2» اتفق على كيفية إدارة المخاطر داخل الوحدة الصغيرة أي المصرف لكن التوجه الآن يتركز على إدارة المخاطر على مستوى أكبر. هذا هو التحدي, ولا بد أن يكون ذلك بدافع من هيئات رقابية عالمية وهذا ما سيحصل.€ بالإضافة إلى الحديث عن الهيئة المستقلة, كثر الحديث عن إلغاء الصناديق والمجالس كالهيئة العليا للاغاثة. هل توافق على إلغاء هذه الصناديق؟ وهل ان بقاء بعضها هو ثمن سياسي لبقاء أخرى؟­ طبعاً يجب إلغاء كل الصناديق غير الخاضعة لمؤسسات الحكومة ولميزانية الدولة والرقابة الفعلية. بعض هذه الصناديق انشئت في ظرف معين كصندوق الهيئة العليا للاغاثة بعد حرب تموز وصندوق المهجّرين, لكن عليها ألا تتحول إلى مؤسسات وبعدها إلى بيرقراطيات تضغط على ميزانية الدولة وتشل هيكليتها.€ هذا يعني أن الهدر قائم, رغم حديث وزير المال اللبناني محمد شطح عن أن الميزانية القادمة ستنفق الأموال العامة بطريقة فعالة من دور هدر. هل توافق على أن الهدر لن يتسلط على الميزانية المقبلة؟­ لا يمكنني الجزم والميزانية لم تصرف بعد. لكن رأينا ان خطة «باريس 3» كانت طموحة وفاعلة في الحد من النفقات والمحافظة على النمو, مع العلم أن من يراقب الهدر هو الهيئات التشريعية أي المجلس النيابي الذي عليه أن يقوم بدوره في هذا المجال.€ هل ترى أي زيادة في نسبة البطالة بسبب عبء الزيادات على المؤسسات الخاصة إذا تبدلت الأجواء من تضخيمية إلى غير تضخيمية؟­ أحذر من زيادة الضرائب على المؤسسات التي هي في الأصل مرهقة وتعاني الأوضاع المالية والركود, فعندها نعيق قدرتها وتتقلص فرص العمل لديها.€ أمام هذا الواقع, هل ترى استقراراً في النمو الذي سيكون حسب قول البعض بنسبة 5€ للسنة المقبلة, ام ان الوضع السياسي والأمني شكل عائقاً أمام النمو الاقتصادي الموعود؟­ نحن في صلب أزمة مالية عالمية أصبحت اقتصادية ولها ارتداداتها على الواقع اللبناني. تحويلات اللبنانيين التي كانت بنسبة 40€ من الناتج المحلي وهي نسبة مرتفعة ستتأثّر بالعامل السلبي للأزمة المالية. لكن هناك فرصة يجب الافادة منها وهي أن هيكلية المصارف اللبنانية التي تمتاز بسندات الخزينة جعلتها الهيكلية الأكثر أماناً مقارنة مع المصارف الخليجية التي أصيبت جراء الأزمة. ولكن رغم هذه الهيكلية يجب تطوير الرؤية ووضع برامج لكيفية توظيف الأموال. وللحكومة دور في توجيه وخلق الأطر المناسبة للمستثمر سياسياً واستقراراً أمنياً, ووضع إصلاحات قضائية تحفز المستثمرين ليكون لبنان واحة آمان مالية. هذه فرصة أمام لبنان يجب ألا تذهب سدى كما فعلنا بـ«باريس 3» لتلهينا بأمور سياسية سخيفة.€ لا شك في أن انعكاسات الأزمة ستطاول القطاعات كافة سيما أن بعضها حتى في ظل غياب الأزمة, في حالة مزرية كقطاع الصناعة.ما هو الحل الأنجع لتحفيز القطاع الصناعي سيما أن القيمين على هذا القطاع يطلقون النداء الأخير قبل انهياره؟­ الحل يبدإ بتسهيل التصدير, إذ لا يعقل ان تكون كلفة النقل من منطقة لبنانية ما إلى مرفأ بيروت, مماثة للكلفة بين المرفأ المذكور ومرفأ مرسيليا! وفي حال عدم تقديم تسهيلات مباشرة, لا بد عندها التقليل من الكلفة الانتاجية للمؤسسات الناجحة. خصخصة الكهرباء هي من الاولويات للتخفيف عن كاهل المصانع, كما ان تحرير قطاع الاتصالات وفتحه أمام المنافسة من الأمور البديهية التي يجب اتباعها للتخفيف من الأعباء على القطاع الصناعي وغيره من القطاعات.€ رغم انخفاض سعر النفط العالمي, تبقى أسعار السلع في الأسواق اللبنانية على حالها. ما هو السبب؟ وهل صحيح أن مرد ذلك الى البضائع المكدسة التي لم يتم تصريفها إلى الآن والتي تم شراؤها في مراحل الغلاء السابقة؟­ على الهيئات الرقابية أن تلعب دورها. الأسواق الأميركية مثلاً تتفاعل مع تبدل المعطيات الاقتصادية وتدني الأسعار. وبسبب غياب المنافسة داخلياً وتحكم بعض المؤسسات بالأسواق عندنا, نرى عدم التبدل في الأسعار ومن حق المستهلك الافادة منها تبعاً للأسعار العالمية.€ هل ترى إنخفاضاً في أسعار النفط, وهل ستتأثر أسواقنا بذلك؟­ سيكون الانخفاض طبيعياً, لكن لن تكون تأثيراته هنا فعالة بالقدر الذي تتأثّر به الأسواق الأوروبية والأميركية, وبالتالي لن نرى تبدلاً ملحوظاً في أسعار السلع.€ هل سنرى تكتلات نفطية جديدة على غرار الأوبك؟ يجرى الحديث مثلاً عن قيام تكتل غازي بين روسيا وقطر وليبيا وفنزويلا. ما هي انعكاسات هكذا تكتل اذا صح نشأ؟­ الكل يحذو حذو الأوبك, وقيام هكذا تجمع سيكون للطلب الزائد على استعمال الغاز لأسباب بيئية؟­ هكذا تكتلات لا يمكن ابعادها عن الأسباب السياسية. ما تعليقك على تصريح رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون عن أن «بريطانيا والولايات المتحدة وأوروبا سيكون لها دور في إقامة نظام عالمي جديد» أتاحته الأزمة المالية. هل هذا يعني أن هذه الأزمة ستؤدي الى خلط أوراق سياسية في المنطقة؟طبعاً, الأزمة المالية وتدني أسعار النفط وانخفاض الاحتياط المالي الاستراتيجي لبعض الدول, ستؤدي كلها الى التقليل من تأثير هذه الدول في المعادلة السياسية.€ ما هو الدور الاقتصادي الذي سيلعبه وصول باراك أوباما إلى البيت الأبيض؟­ لا شك أن أوباما وصل إلى البيت الأبيض على خلفية الأزمة المالية, والحكومة الأميركية ستركز على الانفاق لاطلاق الدورة الاقتصادية من خلال إطلاق الطلب في الأسواق. ستكون سياسة الرئيس الأميركي الجديد شبيهة بسياسة كلينتون الاقتصادية لا سيما أن الفريق الذي رافق الأخير هو نفسه القادم إلى البيت الأبيض, وستكون سياسته تفعيل الطلب وإدارة النفقات لا سيما الابتعاد عن النفقات العسكرية الكبرى التي خنقت الاقتصاد الأميركي.
هيثم الشاعر

No comments: