Sunday, July 5, 2009

القطاع المصرفي اللبناني خارج الأزمة العالمية في 2009

خبراء يتوقعون وضعاً اقتصادياً مقبولاً.. ويؤكدون:
هيام شحود من بيروت
يودع عام 2008 على أزمة مالية عالمية ويستهل عام 2009 بموجة من التوقعات التشاؤمية بركود يخيم على معظم اقتصادات الدول الكبرى. وإذا كان عام 2009 الأسوأ كما توقع المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس فإن اقتصاديين ومصرفيين لبنانيين توقعوا لـ "الاقتصادية" أن يكون وضع لبنان مقبولاً مقارنة بوضع المنطقة، حيث سيشهد التضخم بعض التراجع فيما يرتفع النمو وتزداد الموجودات المصرفية.
ومن أبرز توقعاته للعام الجديد قال رياض سلامة حاكم مصرف لبنان إن المخاوف التي يجري الحديث عنها بالنسبة للركود لن تتحقق في لبنان لأن الوضع المالي متين ونسبة التضخم بدأت بالتراجع وقد تصل إلى 6 في المائة في 2009. لكنه كشف عن قلق من الأوضاع السياسية واحتمال حصول انتكاسات أمنية، معتبراً أن التركيز يجب أن يكون على المحافظة على أجواء ديمقراطية وعلى تأسيس اقتصاد ديناميكي حديث وعلى تطبيق مقررات مؤتمر باريس الإصلاحية للتخفيف من المديونية في القطاع العام.
واعتبر سلامة أنه في أسوأ مرحلة في تاريخ المال عالمياً، نجح النموذج النقدي اللبناني في مواجهة أزمات داخلية سياسية وأمنية وأخرى خارجية. وأوضح أنه لدى المصارف فائض في السيولة متوقعاً ارتفاع نسبة إجمالي الودائع 12 في المائة في 2009 عن العام 2008. وقلل من تأثير تراجع التحويلات الخارجية إلى لبنان. وأكد أن ميزان المدفوعات غير مهدد لأن أسعار الطاقة والسلع المتراجع ستعوض عن تدني التحويلات التي شكلت في 2008 نمو خمس الناتج المحلي الإجمالي.
أوضح لـ "الاقتصادية" الدكتور سامي نادر المحلل المالي والاقتصادي، أن الضرر من الأزمة المالية العالمية أصاب اللبنانيين كأفراد خصوصاً أولئك الذين استثمروا أموالهم في الأسهم الأمريكية أو خسروا أعمالهم في الولايات المتحدة ودول الخليج. واعتبر أن العام 2009 يمكن أن يكون مقبولاً بالنسبة للبنان مقارنة بالأزمة المالية العالمية التي أصابت الأسواق المالية وهددت اقتصادات العالم والمنطقة بركود مخيف. لكنه لفت إلى أن المشكلة التي تواجه لبنان اليوم هي في استيعاب اللبنانيين القادمين من الخارج من دون أموال أو بثروات محدودة بعدما خسروا استثماراتهم، إضافة إلى امتناع أصحاب رؤوس الأموال عن تحويلها إلى لبنان وحرصهم على تجميدها بدل إنفاقها. وسيؤدي هذا الواقع إلى انخفاض التحويلات من ستة مليارات إلى أربعة مليارات في 2009. لكن تعويض هذه الخسارة ممكن من خلال احتمال تدفق الأموال الخليجية لشراء العقارات في لبنان بما يقارب المليار ونصف المليار دولار أمريكي في العام المقبل إذا حصل تصحيح عقاري بين 15 و20 في المائة. كذلك توقع أن تحقق الانتخابات النيابية المتوقعة في ربيع 2009 تدفقاً مالياً بقيمة نصف مليار دولار أمريكي.
أما على الصعيد المالي فكشف عن توجه كبير لدى المودعين إلى الليرة اللبنانية في العام الجديد بعدما ثبت خلال الأشهر الثلاثة الماضية أنها عملة ثابتة وأفضل من الدولار الأمريكي بسبب ارتفاع نسبة الفائدة على الودائع بالليرة والتي تصل إلى 9 في المائة.
وفي هذا السياق فإن نمو النشاط المصرفي مستمر في 2009 بعدما سجل القطاع المالي أفضل أداء له في أواخر 2008 مما يرشح بقاء القطاع المالي اللبناني خارج الأزمة العالمية.
ورداً على سؤال حول انعكاس هذا النمو على القطاع، قال الدكتور نادر إن القطاع المصرفي اللبناني بات يشكل عامل جذب للاستثمارات المالية العربية والأجنبية، ذلك أن أكثر من مصرف لبناني يدرس مع مطلع العام المقبل عروضاً من متمولين كبار أبرزهم خليجيون للمساهمة فيه، كما أن بعض رجال المال والمصارف الأجانب والعرب تقدم بطلبات من مصرف لبنان للحصول على ترخيص مصرفي. واعتبر أن التدفقات المالية الخارجية التي قاربت الملياري دولار قد عززت وضع المصارف اللبنانية حيث ازدادت الودائع لتصل إلى نحو 110 مليارات دولار.
أرقام عام 2008
أما بالنسبة للأرقام المسجلة في عام 2008 فقد حدد تقرير عن بنك "عودة" نسبة النمو خلال العام 2008 بنحو 6 في المائة وهي نسبة متقدمة بعد ثلاث سنوات من الوهن.
وأوضح التقرير أن مصرف لبنان المركزي نجح في زيادة احتياطياته من النقد الأجنبي بحيث بلغت مستوى قياسياً هو 15.3 مليار دولار. وقد نتج هذا النمو عن تدخل كثيف في سوف القطع منذ أيلول (سبتمبر) الماضي وباتت الاحتياطات الأجنبية للمصرف تقارب 70 في المائة من الكتلة النقدية بالليرة فيما تتجاوز هذه النسبة 100 في المائة لدى احتساب احتياطي الذهب مما يؤكد مناعة العملة الوطنية في ظل سياسة تثبيت سعر الصرف. في المقابل فقد سجل التقرير ازدياد العجز العام والذي نجم عن الفاتورة الضخمة لاستيراد المحروقات لمصلحة كهرباء لبنان خلال الأشهر التسعة الأولى من 2008. كما ارتفعت النفقات العامة الإجمالية بـ 14.5 في المائة فيما زادت الإيرادات بنسبة 16 في المائة بفضل تحسن الأوضاع الاقتصادية. وإذا تم استثناء خدمة الدين العام تكون المالية العامة قد حققت فائضاً أولياً بقيمة 897 مليار ليرة مقابل 865 مليار ليرة في 2007 أي بزيادة بنسبة 3.7 في المائة. بينما ارتفع الدين العام بنسبة 8.7 في المائة ليصل إلى 45.7 مليار دولار أي ما يناهز 168 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
ولا تنطبق هذه المعطيات على القطاع المصرفي اللبناني الذي يعيش إحدى أفضل سنواته ذلك أن ودائع الزبائن زادت بنحو 57 في المائة عن 2007 وبنسبة 200 في المائة عن السنوات الخمسة الماضي. وتحقق هذا النمو في ظل تحويلات قطع كبيرة لمصلحة الليرة اللبنانية، تزامن مع انخفاض نسبة الدولرة في الودائع من 77.3 في المائة في 2007 إلى 70 في المائة في آخر 2008 وهو أدنى مستوى منذ 2005

No comments: